مهمٌ أن تنعقد القمة الإسلامية في دكار، وأهم منها أن تواجه واقع المسلمين الذي وصل إلى أسوأ حالاته منذ أكثر من قرن، عندما دخلنا في عراك مع كل دول العالم نتيجة أخطاء حفنة من الإرهابيين، وتتالت المشكلات لنصل إلى القطيعة مع الكثير من دول العالم..
لقد طغت الأمور السياسية على حقائق التخلف للدخول في سباق كوني محموم رغم الفرص والإمكانات وروابط العقيدة الواحدة، والسبب أن ما نتحدث به، يغاير ما نفكر به، وأحدثت الانقسامات الإقليمية والمذهبية، ومعاداة الآخر، وسد النوافذ ضد أي حوار أو تواصل، ثم نشوء قضايا التكفير، والإقصاء، والاعتقاد الخاطئ بأننا ضحية تحالف قوى وأديان تحاربنا، بينما كتلتنا الضخمة قادرة أن تدخل موازين القوى بما يجعلها الأهم والأقوى، خاصة حين النظر إلى خارطة العالم الإسلامي الذي يشكل بموارده، وسكانه وحجمه الجغرافي، مصدراً هائلاً لكل شيء..
لا ينقص المسلمين كفاءة العقول، ولا ندرة المواهب، أو علماء الدين، لكن ينقصهم عقد يجمعهم ويوحّدهم، ولعل محاولة المصالحة بين عدة دول في هذه القمة، واستضافة العديد من وفود الدول الأخرى خارج المنظومة الإسلامية، يكون لها مردود إيجابي، غير أن حمل قضايا كل دولة والاعتقاد بأن أعضاء القمة قادرون على إزالة العوائق، والخلافات التاريخية، وتحقيق نتائج مباشرة، تعتبر قفزاً على الواقع، ولو تحقق جزء منها، وعدنا نبحث في هذا التجمع الكبير مسائل التنمية والأمية وتوفير الدواء والغذاء، والبدء في تبادل المعارف، والتركيز على التكامل الاقتصادي، والبحوث العلمية وسن قوانين للتجارة والتعليم وغيرها، لربما شهدنا عالماً جديداً بروابط أكثر أهمية..
الموضوع أننا شهدنا كثيراً من الاجتماعات وعلى كل المستويات، لكن النتائج بقيت تدور حول محاورها، لأن التحديات تفوق ما خططت له تلك اللقاءات، عندما سادت عقلية مَن ضد مَن، أو معه، ومحاولة أن تكون كل دولة رأس الفعل ليحدث رد الفعل الآخر، وحتى يحكمنا منطق المصلحة، فإن الإجراءات القائمة في إيقاف الإرهاب، والتطرف الذي يأتي في قائمة الصدام مع الدول الأخرى لا بد أن تكون معالجتها لهما بجهد جماعي، لأن السلبيات التي حدثت لم تقتصر على عنصر التطرف وحده حين تم التعميم على العالم الإسلامي كله، وهي مشكلة صارت حلولها صعبة عندما وصلت القناعات إلى التحديات حتى بالصدام المباشر مع القوى التي تناهضنا، أو ترفض العديد من طروحات الإرهابيين..
من الصعب أن نتفاهم داخل مجتمعاتنا بتحديد مهمة كل دولة أو منظمة، وأن نوجد روابط عمل مع القوى الأخرى، وإدراك أن الحوار وحده، لا التهديد بالعنف، أو اقتفاء معارضينا وتهديدهم بالتصفيات الجسدية أو تخريب ممتلكاتهم، يمكن أن يحجّم الفجوات التي تتسع كل يوم، ثم إننا وداخل بنيتنا الإسلامية لا نزال نقف إزاء العديد من القضايا الخلافية بدون حلول، مع أن فقهنا الإسلامي وعقول مفكرينا يملكان الطاقات الخلاقة بتحديد الخطأ والصواب وتقويمهما وفق مقتضيات العقيدة السمحة، ومن هنا بات على القمة أن تكون بمستوى ما نعيشه اليوم وما نتمناه غداً، وإلا ستكون هذه اللقاءات مجرد حفل لمناسبة عامة..
الأحد يونيو 22, 2008 4:06 pm